أمير بابكر عبدالله
تحاول بعض الأصوات أن تبدو أكثر جلبة في
ساحات مقاومة نظام المؤتمر الوطني الحاكم، وتمارس ذات ما يمارسه المؤتمر الوطني –الذي
يصدر فينا قادته هذه الأيام صكوك الوطنية ويوزعونها كيفما شاءوا وفقاً لمصالحهم-
من استصدار صكوك وشهادات النضال والبطولات وفقاً للمواقف السياسية للقوى المعارضة
منفصلة أو مجتمعة. ولا تختلف القاعدة التي ينطلق منها هؤلاء عن المؤتمر الوطني
كثيراً، بل تطابقها أو تكاد وهي "إن لم تكن معي فأنت ضدي ومع عدوي"، على
عكس القول الذي أوردته لأدونيس "إذا كنت اخلفك الرأي فذلك لا يعني أنني أقف
مع اعدائك".
ظهرت تلك الأصوات، التي في أغلبها تنتمي
للحركة الشعبية –شمال، جلياً بعد أحداث "هجليج" وتداعياتها، ووقعت في
ذات الشرك الذي حاول أن ينصبه المؤتمر الوطني للقوى السياسية المعارضة ليبدو
المشهد وكأن موقفها يتماهى معه وينطلقان من ذات القاعدة، وهو ما حاولت تلك الأصوات
دمغ القوى المعارضة به لتنفرد هي بشرف النضال والتمسك بالمبادئ وبسالة المقاومة.
الموقف قبل هجليج كان مغايراً تماماً، بل
كانت الأمور تسير سمناً على عسل، بل دعت الجبهة الثورية وأكبر فصائلها الحركة
الشعبية إلى قيام عمل مشترك مع تجمع القوى السياسية برئاسة فاروق أو عيسي لإسقاط
النظام وإيجاد بديل ديمقراطي للبلاد، ونقلت ذلك عبر خطاب مفتوح عنونته إلى فاروق
أبو عيسى –حسبما جاء في الأخبار- بداية هذا العام تعبر فيه عن استعدادها للعمل
المشترك لاسقاط النظام باعتماد طريقي الانتفاضة الشعبية والعمل المسلح، ما يعني
اعترافها بآليات العمل المعارض الأخرى التي تتبناها تلك القوى.
إذاً ما الذي استجد بعد هجليج الذي يجعل
هذه الأصوات وكأنها خذلت في مواقف تلك القوى التي أدانت دخول الحركة واحتلالها
لهجليج ولم تتوان -في نفس الوقت- في تحميل المؤتمر الوطني وسياساته "وتحميله مسؤولية
التفريط في السيادة الوطنية والفشل في الحفاظ علي التراب الوطني والتي آخرها هجليج".
وهو موقف يتسق مع ما ذهب إليه الأمين العام للحركة الشعبية "ياسر عرمان"
في كتابته "لا للحرب بين السودانيين الذي جاء فيه "القضية ليست هي احتلال
دولة السودان الجنوبي لهجليج كما يرددون فهنالك اراضي محتلة من دول اخرى في حدود السودان
قبل هجليج ولكن شق الجيوب ولطم الخدود هو من اجل
العيون السوداء لبترول هجليج". وهو اعتراف معلن منه بأن دولة السودان
الجنوبي احتلت هجليج، وإن كانت وجهة نظره "إنها ليست القضية".
إن تلك الأصوات اختلط عليها البقر وهي
تحاول أن تنزع عن الاخرين نضالاتهم وأساليب مقاومتهم لنظام المؤتمر الوطني، وهي
تستخدم ذات الأسلوب الذي يستخدمه، فهو يوزع علينا صكوك الوطنية وتلك توزع علينا
صكوك النضال، فبدت مثل قصة الملك والصورة "إذ أن ملكاً أعرج ويرى بعين واحدة
دعا رسامين ليرسموا صورة شخصية، واشترط أن لا يظهروا عيوبه فيها. رفض كل الرسامين
الأمر بحجة إنهم لا يمكن ان يتجاهلوا تلك العيوب ويرسمونه، إلا واحد منهم وافق على
رسمهان وما ان ازاح عنها الستار حتى ظهر الملك ممسكاً ببندقية صيد مغلقاً عينه
تجاه الهدف، ويحني قدمه العرجاء. وهكذا دون أن يلحظ أحد ان في ذلك عيباً".
وسنعود لنستكشف "إما معي او
ضدي" في طريقة تفكير هؤلاء كمنهج خاطئ لا يستند إلى منطق سليم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق