أمير بابكر عبدالله
برنامج تلفزيوني متميز، ضمن برامج قناة
الشروق، تقدمه أستاذة (إيمان بركية) تعرف كيف تدير وقائعه وتبلغ به أهدافه في
الكشف عن مواطن الخلل في كل ما له صلة بالمواطن، باستضافة مسؤولين كل في مجاله.
ويتميز البرنامج بانه أكثر تفاعلية وتشويق لأنه يتجاوز تلك الصورة النمطية للإعلام
الأحادي الرأسي الموبوءة به أجهزتنا الإعلامية، فهو يضع المسؤول أمام الجمهور المعني
بالقضية عبر تقارير وإفادات واتصال مباشر في وجود المسؤول الضيف. نجاح البرنامج هو
قدرته على ملامسة قضايا يومية وجوهرية في حياة المواطن العادي، ومخاطبة تلك
القضايا بإشراك المواطن نفسه ورؤاه في إيجاد الحلول، وهذه صيغة من صيغ توسيع ماعون
المشاركة في اتخاذ القرار، هذا إذا لم يعتبر المسؤول أن وجوده في البرنامج مجرد
أداء واجب ثم يضرب بتلك الآراء عرض الحائط بعد مغادرته الاستديو ويمد لها لسانه
عقب انطفاء الأضواء الكاشفة وغياب الكاميرا.
في حلقة من حلقات البرنامج لهذا الأسبوع،
جاءت لفتة بارعة من مخرج البرنامج بأن حول الكاميرا على الكرسي الذي يجلس عليه
الضيف عادة قبل أن ينتقل إلى مقدمة البرنامج. والسبب ان الكرسي كان فارغاً، وهي
رسالة بليغة تغني عن كل ما جاء لاحقاً خلال البرنامج، بل كانت صورة كاريكاتورية
مؤثرة وذات دلالات قد لا تستطيع كل الآراء التي وردت أو قيلت أن توصلها للمتابع،
وتلك مهمة الكاريكاتير فعلاً.
كان الكرسي هذه المرة مخصص للسيد الوزير
المختص بشؤون التعليم العامن اي التعليم ما قبل الجامعي، وزير التربية والتعليم.
كان الكرسي فارغاً .. فارغاً .. فارغاً، لم يحضر سعادة الوزير لكيما يعرف الجمهور
ويناقش ويدلي برأيه في ما يجري ويحدث وما يختص بمستقبل أبنائه. فراغ الكرسي وغياب
الوزير هو الحقيقة فيما يتعلق بالتعليم العام، وإذا كنا نريد أن نكون حسني الظن
سنعتبر غياب الوزير ليس هروباً من مواجهة الواقع، بل هو رسالة لما تعانيه وزارته
من مشاكل وفراغ حقيقي.
إن قضايا التعليم ومشاكله وترديه لا تحتاج
لعنزتين يتناطحا حول حقيقتها، والرأي حول المناهج التعليمية السائدة الآن وبؤسها
تكشف عنه تلك الأعداد من الخريجين سواء من المدارس الثانوية أو حتى الجامعات، تلك
الأعداد التي لا تزال وستظل تعاني من بؤس المنهج الذي تلقته أو لقن لها خلال سنوات
الدراسة في مرحلة الأساس، وما بني في مرحلة الأساس من أساس ضعيف أكيد نتيجته ستكون
جيل أو أجيال من غير المؤهلين وغير القادرين على مواجهة الحياة العملية وهو واثقون
من قدراتهم التعليمية التي تلقوها.
لن نتحدث عن البيئة التعليمية وترديها ولا
المدارس الخاصة (بين كل مدرسة خاصة وأخرى تجد مدرسة خاصة). فالمدارس الخاصة خشم
بيوت، فكثير منها تتفوق عليها المدارس الحكومية ببيئتها البائسة. هناك مدراس خاصة
أجنبية تلتزم ببرامجها ومنهجها الأكاديمي المبني على طرق علمية الذي يؤهل متلقيه
منذ مرحلة ما قبل المدرسة وإلى تخرجه وهي مدارس لا يقدر على تكلفتها (إلا ..)
سنترك فراغاً مثل كرسي الوزير.
أمس فقط وبالصدفة فقط رأيت وأمام مدرسة
الاتحاد (اليونيتي) واحد من عتاة الاسلاميين والمدافعين عن المشروع الحضاري
ومناهجه التعليمية ينتظر بعربته الفارهة خروج أحد أبنائه أو بناته من المدرسة.
وهذا من حقه طالما يملك القدرة على ضم أبنائه لمدرسة أجنبية خاصة يخرجون بعدها إلى
الدنيا وهم أكثر تأهيلاً، مالو ومال القراية ام دق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق