أمير بابكر عبدالله
توقف حماري في عقبة تصريح (نشرته
سودانايل) للأستاذ ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية - شمال، عقب إعلان
الرئيس البشير إطلاق سراح المعتقلين السياسيين باعتباره محاولة لاصطياد المعارضة
في عملية دستورية فارغة المحتوى. اشتمل التصريح على موضوعين رئيسيين أولهما تحذير المعارضة من
ابتلاع الطعم لتفادي الوقوع في شرك الصياد تحت أي مبررات لأن ذلك سيكون خطأ تاريخي.
الموضوع الثاني الدعوة إلى وحدة المعارضة للوصول إلى حل سلمي شامل بترتيبات جديدة
أو اسقاط النظام.
توقف حماري لأن عقلية الوصاية على القوى
المعارضة، لا التعامل بندية، هو ما ظل يتحكم في عقلية ومنهج تفكير قادة الحركة
الشعبية، وكأنها تحاول الإيحاء بأنها ترسم طريقاً على الآخرين المضي فيه سالبة
منهم القدرة على التعاطي السياسي مع كل المواقف، ودلالة التهديد التي يحملها
التحذير ساطعة لا تحتاج إلى بيان ولا برهان. من حق الحركة الشعبية أن تعتبر إعلان
إطلاق سراح المعتقلين مجرد طعم حسب قراءتها وتحليلها للأحداث، وكذلك حسب أجندتها، ولكن
ليس من حقها أن تفكر نيابة عن الآخرين.
للآخرين تقديراتهم التي قد تلتقي مع
رؤيتها كاملة بتفاصيلها أو تختلف في التفاصيل أو تختلف قراءتها كلياً ولديها من
المبررات ما يكفي (للوقوع في شرك الصياد )دون أن تعتبر ذلك خطأ تاريخي. ويحمل ذلك
التحذير التهديد إشارات الخوف من خطوات تضعف من موقف الحركة الشعبية التفاوضي –خاصة
وأنها مقبلة على التفاوض منفردة مع النظام- أكثر منه حرصاً على الموقف المعارض.
ولنا تجربة سابقة مع الحركة الشعبية الأم إبان مفاوضات نيفاشا وما أفضت إليه من
اتفاق سلام تعكس عقلية الوصاية تلك، وهي تجربة كشفت خطل الإنسياق التام لرؤى
وقراءات الحركة الشعبية.
الموضوع الثاني الذي أثاره التصريح الدعوة
إلى وحدة المعارضة للوصول إلى حل سياسي شامل أو إسقاط النظام. وقبل تناوله فإن
الوصول إلى حل سياسي شامل يعني بالضرورة إسقاط النظام، مع استيعاب ذلك الحل لحزب
المؤتمر الوطني وفق شروط سياسية جديدة تلغي إحتكار الحزب الواحد لمفاصل الدولة
والسلطة. وبالعودة لوحدة المعارضة جرت مساعي حثيثة، وكنت طرفاً فيها وشاهداً
عليها، عقب ظهور نتائج الاستفتاء –وحتى قبله- بالعمل على وحدة القوى الديمقراطية.
جرت لقاءات عديدة لبحث والعمل على وضع تصورات لكيفية تحقق ذلك وسط الأحزاب والقوى
التي تتبنى برامجها ذات الرؤى من بينها الحركة الشعبية.
كانت رؤيتنا ان وحدة تلك القوى هو صمام
الأمان لمستقبل العملية السياسية ووسيلة الضغط على الرؤى الشمولية التي كرس لها
المؤتمر الوطني، وأن الحرب أكسبته مبررات وقدرة على الاستمرار أكثر مما تتيحه له
الوسائل السياسية والمدنية. لكن يبدو –ووضح ذلك عملياً- أن الحركة الشعبية لها
رؤيتها الخاصة وإنها لا تسعى إلا لوحدة المعارضة بكافة أطرافها بما يحقق مصالحها
ويقوي من مواقفها للتفاوض مع المؤتمر الوطني. فهي لم تمض في طريق وحدة القوى
الديمقراطية الذي كان يمكن أن يغير كثيراً
من المعادلة السياسية ولا يترك لدعاوى الحرب التي استغرقتنا طويلاً مجالاً ولا
مبرراً.
للفوى المعارضة رؤيتها تجاه إطلاق سراح
المعتقلين السياسيين ورؤيتها للحوار مع المؤتمر الوطني، وهي رؤى ناضجة تحتاج
لعقلية غير الوصاية التي تدخل على المعارضة من بوابة المؤتمر الوطني نفسه، وتطل
عليهم من شباك الحركة الشعبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق