أمير بابكر عبدالله
انتظرت يومين لحين عودة الكهرباء لأتمكن من فتح جهاز الحاسوب لأنجز كتابة الفكرة التي راودتني عن تلك الثورة. وقبل أن أبدأ تجولت في الشبكة قليلاً لأجد الكثير عن ثورة السماء، لكني توقفت عند صفحة تسمى (خطى) لأجد فيها ذات الفكرة تجلس على عرشها. يبدأ كاتبها بمدخل الفساد، وهل من حديث عندنا غير الفساد الذي استشرى بين العباد، فالسماء ليست مثلنا مضطرة للتكيف مع الفساد او للتعايش معه كما نفعل نحن. نظل نتحدث عن الفساد ولا نجرؤ على الاقتراب منه، ولأن السماء ليست مثلنا.
"السماء ليست مضطرة للتكيف مع الفساد ، او لمعايشة الفساد.. مثلنا،
فالسماء ليست مثلنا هي حـرة ، تجاهر بطُهرِها ، وتغسل الاقنعة"
"مليار قطرة ماء ، نزلت من السماء تعلن الثورة
على مَن سرقوا المليارات ، مَن صَرَّفُوا المليارات !"
السماء سلاحها الماء تواجه به من تريد، لكن المسؤولين عن استشراء واستمرار الفساد لا يكترثون كثيراً لإعلان المياه إضرابها وتجمهرها في الشوارع مثلما لا يكترثون لغضبنا ولا حتى لوعودهم التي يطلقونها في الهواء لسبب في طبيعة الماء ذاتها فهي ستركد ثم تتبخر.
"تتجمهر قطرات الماء في الشارع معلنةً الاضراب
لا احد يتعرض لها ، لا رصاص ، لا اعتقالات
لانهم يعلمون انها كـغضبنا، كـذاكرتنا، وكـوعود مكافحة الفساد
جميعها تركد ، ثم تتبخر !"
"القطرات في صمتها.. في همسها ..
تردد آلاف الكلمات من اجلنا
ونحن نمر عليها ، نتعجب منها ، ثم نكتفي .. بالسخرية منها !"
ثورة السماء تشمل الفاسدين والذين لا يقاومون الفساد، وتقول لنا جمهرة قطرات الماء حين ركودها وتبخرها:
"اذا لم يثُر أهل الارض على حالهم ، فلا داعٍ لثورة اهل السماء
اذا لم يشفق اهل الارض على حالهم ، فلا داعٍ لبكاء السماء"
"تبصق السماء علينا، وعلى فاسدينا
علينا أن استيقظوا .. وعليهم أن كفى !"
يريد لنا الكاتب أن نثور فالماء مهما كانت عواقب هطوله من السماء وفيضانه وجريان سيوله فله غاية وهدف:
"المطر رحمة حتى حين يغرقنا بالماء
يريد ان يكشف لنا .. كم نحن غارقون في الفساد !"
لذلك يعظم الكاتب من شموخ السماء فهي التي تكشف لنا الفساد بلا أقنعة، فساد القول وفساد الفكرة وفساد الفعل. تغسل كل المكياج الذي نغطي به سوءاتنا فاسدين وساكتين عن الفساد، فاللعنة علينا جميعاً.
"دمتِ شامخة سماءنا
دمتِ عفويةً ، لا تحسبين ألف حساب .. للفساد ..
دمتِ معلنةً ان الطهر والصواب ليسوا بحاجة الى التكيف مع الفساد ، الى احترام الفساد ، او الذوبان في الفساد " .
"اللعنة على مَن سرق براءة السماء.. حين تُمطِر
اللعنة على مَن سرق فرحة الناس .. حين تُمطر
واللعنة على مَن يلوم السماء ، ولا يلوم السارقين ، حين تُمطِر"
وأنا أقرأ هذا النص لم أخش على طفلتي في دورة المطر الثانية، وأنا أشاهد (الكمر) الذي يستند إليه السقف بكل ثقله يكاد أن يتهاوى، سأخرج بها إلى قارعة الطريق، طفلتي، وأفتح صدرها للمطر لكن من ينقذ الوطن؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق