على ذمة ما نشره الصديق شوقي عبدالعظيم
بصحيفة "الخرطوم" الغراء على لسان أول المنشقين عن حزب الاصلاحيين
الجديد "الاصلاح والتنمية" الذي يقوده د. غازي صلاح الدين، إذ كشف أسامة
سراج عن مجريات الخلاف عن هوية حزبهم الجديد وأن أحد القيادات بالحزب عارض الهوية
الإسلامية كتوجه للحزب الجديد باعتبار أن "الدين أفيون الشعوب".
ماركس جديد ظهر وسط الإسلاميين
الإصلاحيين، وبعد تجربة حكم استمر فيها قرابة الربع قرن ليكتشف بعد خروجه من مربع
السلطة إلى الفضاء العام، حيث حالة إنعدام الوزن وفقدان خاصية الجاذبية السلطوية،
يكتشف أن "الدين أفيون الشعوب" تلك المقولة التي تنسب إلى كارل ماركس
الذي نشر الفكر والفلسفة المادية مع رفيقه فريديرك انجلز، وتتخذ برهاناً على إلحاد
الشيوعيين في خضم الصراع السياسي. يكتشف ذلك بعد أن مارس فينا، مع إخوته في الله من الحركة الإسلامية، حكماً ما
زال مستمراً بإسم الدين. وكما قال الحكيم "اللهم أكفني شر أصدقائي أما اعدائي
فأنا كفيل بهم"، فإن مثل هذا القول عندما يأتي من صلب الإسلاميين يجب التوقف
عنده طويلاً فهو يعني الكثير.
لكن ليس هذا بالمهم؛ المهم ما تزامن مع
هذا الخبر هو تقرير نشرته البي بي سي عن تفشي ظاهرة إعلان الإلحاد وسط الشباب
المصري. الظاهرة الملفتة للنظر التي وردت في متن التقرير هو أن كثيراً من هؤلاء
الذين أعلنوا إلحادهم هم من الشباب والشابات ذوي الخلفيات الإسلامية، وبعض الشابات
يعلن ذلك وما زلن يرتدين الحجاب. وقال أمين الفتوى بدار الافتاء المصرية الدكتور
مجدي عاشور إن التيارات المتشددة التي لا تعرف سوى التشبث بالأمور الشكلية التي قد
تبعد الناس عن الدين تتحمل مسؤولية هذه الظاهرة.
الأكثر أهمية من هذا كله هو إنتقال كثير
من الظواهر الاجتماعية إلى بلادنا من البوابة الشمالية، حيث تهاجر الأفكار بسهولة،
ولدينا من التيارات المتشددة التي لا تعرف سوى التشبث بالأمور الشكلية
"الكثير المثير الخطر"، مما يجعل وجود الأرضية المناسبة لانتشار هذه
الظاهرة في السودان، حسب رؤية دكتور عاشور. إذاً ليس غريباً أن تنطلق هذه الرؤية
من داخل تيار الإصلاحيين ذوي الخلفية الإسلامية، باعتبار أن مقولة "إن الدين
أفيون الشعوب" هي القول الفصل في مسألة الإلحاد.
الإلحاد (Atheism) من وجهة نظر الدين هو إنكار وجود خالق للكون والحياة ويستحق
العبادة، أي إنكار لوجود الله، ومعناه في اللغة كما جاء في لسان العرب الميل عن
القصد، وأصله الميل والعدول عن الشيء. ويمكن اعتبار الدهريين "الذين اعتقدوا
قدم العالم وأنه لا أول له" ما قبل التاريخ الإسلامي ملحدين، وهم من جاءت
فيهم الآية الكريمة "وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا
الدهر وما لهم بذلك من علم ان هم الا يظنون(24)". الجاثية.
سيكون هناك صيد وفير لهيئات علماء
المسلمين وغيرها من الجهات المعنية، وسنرى معارك بيانات وتصريحات تتناسب مع حرارة
طقس السودان إذا ما انتشرت هذه الظاهرة (الإلحاد) في السودان. فبعد أن كانت تلصقها
الأحزاب السياسية ذات الخلفية الدينية حصرياً بالشيوعيين السودانيين في إطار الكسب
السياسي، واستفادت منها الحركة الإسلامية قبل الإنقاذ وبعده في خطابها ضد القوى
الديمقراطية واليسارية، ها هي تأتيهم من قلب معركة الإسلاميين ضد بعضهم البعض.
وأنا أقول أن السلطة هي أفيون الإسلاميين متى ما انتزعت منهم تبدأ (الهضربة).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق