أمير بابكر عبدالله
ينصب الأستاذ مصطفي عبد العزيز البطل شراكه، وسط رسائل مفخخة تتخلل
مقالاته المنشورة، وغالباً ما (يهبر) الشرك عن صيد ثمين يثير سخط بعض قرائه ورضا
بعض آخر بينما يتوه المتبقي من ذلك (البعضين) بين ذا وذاك. آخر الصيد الثمين الذي
وقع في شرك البطل شخصية بارزة، ليس هذا فقط وإنما كانت بيده مفاتيح وزارة الداخلية
إبان الحكم الديكتاتوري المايوي. أن يقع وزير داخلية (بحاله) في (كمين) فهذا يعني
أحد أمرين أولهما أن وزارة الداخلية يمكن ان يتصدى لمسؤلياتها شخص (أي كلام) وثانيهما
أن (الكمين) نصب بدقة متناهية لا يقع فيه إلا الشاطر.
السيد أحمد عبدالرحمن محمد غير صفته القيادية في الحركة الإسلامية
(وما ادراك ما الحركة الإسلامية)، فهو قد تقلد منصب وزير الداخلية لفترة ما على
أيام النميري وهو الآن عضو برلماني و " الأمين العام لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية". لذلك
ينظر إلى رده على "خزعبلات البطل" على صفحات "السوداني"
الغراء بأنها من النوع الثقيل (منطقاً وحجة)، لكنه لم يكشف جديداً في ذلك الرد، بل
صاغ كل الحجج للمعارضين في الداخل والخارج في محاولته التبريرية لإستخدام التزوير.
فقد ركز السيد أحمد عبدالرحمن على فقرة أساسية جاءت في تلك "الخزعبلات"
تتعلق بالتزوير " يبدو لي أن لأحبابنا من الاسلامويين السودانيين
تاريخ حافل في التزوير، اذ سبق للشيخ احمد عبد الرحمن نفسه ان اعترف في حوار صحفي آخر
نشرته صحيفة (ظلال) عام 1993 بأن عناصر معينة من جماعة الاخوان المسلمين كانت،خلال
سنى معارضة الجبهة الوطنية لنظام مايو، (تسرق) جوازات سفر حجاج بيت الله الحرام. ثم
يقوم آخرون بعد ذلك بتزويرها، بالتلاعب في اوراقها ومعلوماتها، وتخصيصها بعد ذلك لآخرين
من عضوية التنظيم داخل السودان وخارجه. وقد ذكر الشيخ أنه هو شخصياً تلقى تدريباً أهله
للتخصص في تحوير وتزوير جوازات السفر المسروقة!"
ويمكن لتلك المبررات التي ساقها أن تنطبق على كثير من المعارضين وأن
تأتي على لسان مالك عقار أو مني أركو وعبد الواحد وغيرهم من قادة الحركات المسلحة،
وكذلك قادة التجمع الوطني الديمقراطي أيام زمان، وإليكم قراءة في فقرات رد السيد
أحمد عبدالرحمن على خزعبلات البطل.
يستهل رده بالتأكيد على الرسالة المزورة التي بعثت إلى الرئيس جمال
عبدالناصر، وليس هذا همنا فقد وردت كمدخل لتلك المبررات التي سنوردها من النص. كان
السيد أحمد عبدالرحمن يأمل ويتوقع أن يقدر البطل موقفهم كمعارضة قيادة وقاعدة
لسرقتهم جوازات الحجاج، وأرجو هنا الا يتبادر إلى ذهن احدكم إنني سأتناول ما جرى
في موسم الحج الفائت وحكاية إطعام الحجاج وما دار حولها.
كتب القيادي الإسلامي "وكنت أيها الأخ الكريم اتوقع تقدير الموقف في الظروف التي عشناها كمعارضة
قيادة وقاعدة تواجه نظاما ظالما باطشا وكنت اتوقع أن تتوقف كما توقعنا نحن عندما اتخذنا
القرار الحاسم بالخروج على ذلك النظام ومواجهته مدنيا وعسكريا وقد دار نقاش حول مشروعية
المواجهة المسلحة لذلك النظام". الحديث هنا عن أيام الجبهة الوطنية التي كونت
في ليبيا وأثيوبيا منتصف سبيعينات القرن الماضي وتوجت بما أشاعته بربغاندا النظام
المايوي بأنه "غزو المرتزفة" في العام 1976.
يمكن قراءة ذلك الاقتباس على لسان أحد قادة
الجبهة الثورية الآن في العام 2014، فهم قرروا المواجهة السياسية والعسكرية ضد نظام
يعتبرونه ظالماً وباطشاً، وكأنه بهذا التبرير منحهم الحق في اتخاذ ذات القرار
(ومافيش حد أحسن من حد). ونتابع ...
"كما كنت اتوقع منك أن تتوقف عند قراراتنا
التي نفذناها فعلا في الاتصال بكل القوى في دول الجوار والذين لم نتخابر معهم فقط بل
تعاونا معهم من منطلق القناعة المشتركة والحرص على عدم تمكين ذلك النظام ومن وراءه
في السودان وفي سواحل البحر الاحمر."
في هذا الاقتباس حديث خطير حول التخابر، فكل
القوى المعارضة للإنقاذ عسكرية أو سياسية تنفي عن نفسها تهمة التخابر مع دول
أجنبية رغم محاولات نظام الإنقاذ إلصاق هذه التهمة بهم في سبيل تشويه مواقفهم
السياسية أمام الراي العام، لكن السيد أحمد عبدالرحمن لا يكتفي بالتعاون والاتصال
بكل القوى في دول الجوار بل "التخابر معهم" حرصاً على عدم تمكين ذلك
النظام ومن وراءه في سواحل البحر الأحمر. في الوقت الذي ينفي فيه معارضو الإسلاميين
تهمة التخابر مع الخارج بشدة لا يمانع الإسلاميون – على حد قول القيادي الإسلامي
أحمد عبدالرحمن – في التخابر مع الأجنبي ضد نظام حاكم يعارضونه. ونتابع ...
"حقيقة كان امامنا طريقان أما أن نستسلم ونزعن
لكل ضغوط النظام المايوي وعندها ستتوفر لنا كل التسهيلات بالطرق المشروعة"
(وهذا ما حدث بعد ذلك في العام 1977 بمصالحة النظام المايوي) "والا أن نصمد ونواجهه
في اطار قرارنا بالخروج عليه وعدم الاعتراف بمشروعيته وقد كان ذلك هو النهج الذي اتخذناه
عندما اضطررنا للحصول على وثائق سفر لممارسة حقنا الطبيعي في التنقل فلجأنا في البداية
لاستخدام بعض جوازات الحجاج وفي حيز ضيق جدا ونعلم بأن ذلك لم يكن العلاج الامثل أو
الشافي." هذه متروكة لتفسير القارئ. ونتابع ...
"اتصلنا ببعض الدول الصديقة ولم نوفق في الحصول
على وثائق هجرية الا في نطاق محدود جدا". هذا ما ظل نظام الحركة الإسلامية
الحاكم منذ العام 1989، يتخذه سبة في وجه المعارضين، فها هم يستخدمونه ويؤكدون
انهم استخدموه في ظل الظروف السياسية التي كانت سائدة.
قراءة ذلك الرد على "خزعبلات" البطل
تكشف أن الحركة الإسلامية لا تتورع في استخدام كل الأساليب والوسائل التي تحاول أن
تلصقها بمعارضيها بالحق أو بالباطل، بل وتذهب إلى أبعد من ذلك ب(التخابر) مع قوى
الجوار في سبيل بلوغ مراميها. ومن يتخابر مرة سيتخابر ألف مرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق