الفصل الخامس -4- عقاب الجنس
الجنس كسلوك اجتماعي في سيرة الإنسان في الدنيا تنازع بين المقدس الذي يمارس تحت بصر السلطة السياسية والدينية، ولا تستقيم إستمرارية الحياة والخصب بدونه، ويشمل هذا المقدس أيضاً ممارسة الجنس في ظل شرعية اجتماعية ودينية بعد مراسيم زواج ويقود إلى انتاج أسرة يعترف بها المجتمع وفقاً لأعرافه وقوانينه التي صاغها عبر تجربة طويلة أو نزلت عليه من السماء.
الذين يقفون على هذه الضفة من النهر تباركهم السماء ودعوات المجتمع. في الجانب الآخر من النهر، حيث الممارسة الجنسية خارج الأطر الرسمية والمعتمدة، والتي تدخل ضمن مفهوم الخطيئة تحت أسماء الزنا، الفاحشة والبغاء، تتنزل عليهم لعنات السماء وسخط المجتمع، وينزل عليهم العقاب في عدة مستويات.
على مستوى العقاب الآني بدأ القرآن بإعلان تحريم الزنا وسماه في سورة الأعراف بالفاحشة "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)". ثم جاء التحذير أكثر وضوحاً بالتحذير من ممارسة الزنا في سورة الإسراء "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا " (32).
وانتقل القرآن من مرحلة التحريم والتحذير إلى أن وضع حداً شرعياً واضحاً بالعقاب البدني للزانية والزاني، وقدم الزانية على الزاني "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)" سورة النور.
وهناك مستوى آخر من العقاب لخطيئة الزنا في القرآن وهو عذاب يوم القيامة "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) الفرقان.
وسبق الكتاب المقدس بشقيه "العهد القديم" و"العهد الجديد"، القرآن في تحريم الزنا والتشديد على خطورته الاجتماعية وجاء نص واضح في العديد من الأسفار والأناجيل والرسائل في التوراة والإنجيل "لاَ تَزْنِ" (سفر الخروج 20: 14؛ سفر التثنية 5: 18؛ إنجيل متى 5: 27؛ 19: 18؛ إنجيل مرقس 10: 19؛ رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 13: 9؛ رسالة يعقوب 2: 11)
وكان الإنجيل أكثر تطرفا في مفهوم الزنا، إذ يعتبر من يطلق زوجته لأي سبب آخر غير الزنا فإنه يدفعها إلى الزنا، وفي مقابل ذلك فإن من يتزوج مطلقة فيعتبر زانيا، "وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي" (إنجيل متى 5: 31، 32؛ 19: 9؛ إنجيل مرقس 10: 11، 12؛ إنجيل لوقا 16: 18).
والزنا في "إنجيل متى" لا يبدأ من عند فعل الممارسة الجنسية ولكنه يتعداها إلى ما قبلها، إلى مجرد الاشتهاء، "قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ" (إنجيل متى 5: 27-30)
ويعتبر بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (6: 18-20) أن الزنا يدنس الجسد الذي هو هيكل الروح الإلهية "اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِي لِلهِ"
ويواصل في ذات الرسالة "الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ." (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 6: 9، 10). ويظهر نوع العقاب الإلهي للزناة في رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين، معظماً مكانة الزواج "لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ. وَأَمَّا الْعَاهِرُونَ وَالزُّنَاةُ فَسَيَدِينُهُمُ اللهُ" (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 13: 4)
ومثلما فتح القرآن باب التوبة واسعاً أمام مرتكبي الموبقات ومنها الزنا، كذلك فعل الكتاب المقدس في سفر رؤيا يوحنا "أَعْطَيْتُهَا زَمَانًا لِكَيْ تَتُوبَ عَنْ زِنَاهَا وَلَمْ تَتُبْ" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 21)، "وَأَمَّا بَقِيَّةُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا بِهذِهِ الضَّرَبَاتِ، فَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى لاَ يَسْجُدُوا لِلشَّيَاطِينِ وَأَصْنَامِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُبْصِرَ وَلاَ تَسْمَعَ وَلاَ تَمْشِيَ، وَلاَ تَابُوا عَنْ قَتْلِهِمْ وَلاَ عَنْ سِحْرِهِمْ وَلاَ عَنْ زِنَاهُمْ وَلاَ عَنْ سَرِقَتِهِمْ" (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 9: 20، 21)
ويشدد الكتاب المقدس في سفر اللاوين على عقوبة مرتكبي الزنا "وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ، فَإِذَا زَنَى مَعَ امْرَأَةِ قَرِيبِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ. وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ أَبِيهِ، فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَبِيهِ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ، فَإِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. قَدْ فَعَلاَ فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. وَإِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأُمَّهَا فَذلِكَ رَذِيلَةٌ. بِالنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَإِيَّاهُمَا، لِكَيْ لاَ يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ. وَإِذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَالْبَهِيمَةُ تُمِيتُونَهَا. وَإِذَا اقْتَرَبَتِ امْرَأَةٌ إِلَى بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا، تُمِيتُ الْمَرْأَةَ وَالْبَهِيمَةَ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا." (لا 20: 10، 16)
الجنس كعقاب
في مقابل العقاب لمرتكبي الزنا والفواحش، فإن فعل الجنس نفسه يستخدم كعقاب، وهذا ما يؤكد ما للجنس من قوة اجتماعية خطيرة ومؤثرة وعزز من مكانته المركزية في سيرة الإنسان. وتحول الجنس من غريزة طبيعية فردية إلى قوة قاهرة يمكن استخدامها كعقوبة للمرأة بحرمانها منها في حالة من ممارسة الجنس معها من أجل إعادتها إلى جادة الطاعة "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖفَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)" النساء. والحرمان من الجنس في هذه الحالة سلاح يستخدمه الطرفان في سبيل تحقيق بعض الغايات، لا يؤثر على البنيان الاجتماعي إلا إذا قاد إلى ردود أفعال متطرفة كالطلاق في حالة المسيحية التي عبرت عنها رسالة بولس بأن الذي يطلق زوجته يدفعها إلى الزنا وأن متزوج المطلقة زاني.
لكن الجنس كعقاب، والذي يستهدف تدمير الخصوم والآخرين، هو الأشد خطورة على البنيان الاجتماعي، وتنبع خطورته من نظرة المجتمع للجنس خارج الأطر الشرعية والنظرة الاجتماعية للمرأة التي تمارس الجنس خارج تلك الأطر، وحتى على تلك التي تجبر قهراً واغتصاباً على ممارسته. وهو يستهدف المرأة بعد سيادة العهد البطريركي وسيادة الأب والرجل، بعد الانقلاب الذي حدث للنظام الاجتماعي، ويستهدف عبرها كل فكرة أو موقف أو رأي آخر مختلف، لذلك هو يستهدف التغيير الاجتماعي لا مجرد قهر المرأة. المثال الواضح لذلك في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون عندما خرج بنو إسرائيل عن طوع فرعون واتبعوا ما أنزل على موسى، فقرر قتل الذكور من بني اسرائيل واستبقاء النساء. "إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" (4) القصص. "وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ" (127) الاعراف.
وتأتي قصة "الإفك" لتكشف عما يمتلكه الجنس من قدرة تدميرية للأسر وللمجتمع، خاصة أن الطرف فيها إمرأة ذات شأن وزوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان المستهدف بتلك الحادثة وإشاعتها بين الناس ليست السيدة عائشة، وإنما النظام الاجتماعي الجديد الذي بدأ في التخلق بعد إعلان الرسالة المحمدية، والتغيير الذي أحدثته الرسالة في المجتمع والقوة والطاقة الروحية الجديدة التي بثتها بين الناس. وتستحق تلك القصة أن تروى كنموذج لمركزية الجنس في التفكير البشري، فقد تأثر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن علام الغيوب يدرك أثر القوة التدميرية للجنس إذا ما استغل سلباً، خاصة وأن بيئة اجتماعية جديدة أطلت بقوانينها الجديدة وقواعدها وأعرافها، وما يمكن أن تحدثه من أثر في مستقبل الدعوة إلى يوم يبعثون أنزل الله قرآناً ليبرئ السيدة عائشة من اتهامها بفعل الفاحشة والزنا. "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)" – النور.
وقعت تلك الحادثة بحسب الروايات، أثناء إحدى غزوات النبي وكانت يومها عائشة -رضي الله عنها- في الخامسة عشر من عمرها، وكان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إذا أراد الخروج في سفرٍ أقرع بين زوجاته، فخرج سهم عائشة -رضي الله عنها- فخرجت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وبعد انتهاء الغزوة والجيش يستعدّ للعودة، وقد جمع الناس متاعهم، ابتعدت عائشة عن الجيش قليلاً؛ بُغية قضاء حاجتها، ثمّ بعد أن عادت التمست ما في صدرها فوجدت قلادتها قد ضاعت، فعادت تبحث عنها، فلمّا رجعت وجدت أنّ الجيش قد سار وابتعد، وفي ذلك روت عائشة رضي الله عنها: (فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينما أنا جالسةٌ في منزلي غلبتني عيني فنمت)، وكان صحابيّ هو صفوان بن المعطل السلميّ يمشي خلف الجيش يتابع مسيره، ويتفقّد أحوال من تأخّر عنه، فوجد عائشة نائمةٌ فعرفها، فاسترجع صفوان فاستيقظت على صوته، فتقول عائشة: فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما تكلّمنا بكلمةٍ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطأ على يدها، فقمت إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش). وكان ممّن رأى مجيء عائشة -رضي الله عنها- مع صفوان منافقٌ يُدعى عبد الله بن أبيّ بن سلول، فعندما رآهما نازلين أشاع خبراً كذباً: أنّ صفوان قد فعل الفاحشة بعائشة رضي الله عنها."
وجاءت الآية القرآنية التي برأت السيدة عائشة ضمن سورة النور التي تعتبر منهاجاً منظماً للحياة الجنسية، وتؤسس لبنيان اجتماعي متماسك، وجاء فيها آيات واضحات حول رذيلة الزنا والفاحشة، لتؤكد على خطورة الجنس كعقاب اجتماعي حين استغلاله في هدم وإعاقة التطور والتغيير الاجتماعي. فما أسهل أن توصم إمرأة أو رجل بفعل الزنا، ولكن القرآن – كلام الله – وضع ضوابط قاسية لإثباته. رغم ذلك مجرد إشاعته يؤدي إلى هدم اجتماعي وبالتالي يؤثر على كل مناحي الحياة.
مراجع الفصل الخامس:
1. القرآن الكريم.
2. الكتاب المقدس.
3. روزا ياسين، عبادة الأنثى وقرابين البكارة– بحث في المومس في ميثولوجيات المنطقة – موقع الأوان الإلكتروني.
4. أميرة حسن - تاريخ الجنس في الهند من الكاماسوترا وحتى دخول الإسلام – مقال – ساسة بوست.
5. الحكيم البابلي – أكيتو، عيد الربيع البابلي، جذوره، أيامه عائديته – الحوار المتمدن.
6. مثنى الشلال – الزواج المقدس عند السومريين – مقال – الحوار المتمدن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق